يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
قلت ليلة لغلام كان يرعى معي: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل البلد فأسمر كما يسمر الشباب، فخرجت حتى جئت أول دار أسمع عزفاً بالدفوف والمزامير لعرس. فجلست لذلك فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس. ولم أقض شيئاً. ثم عراني مثل ذلك مرة أخرى.
إن هذا لموقف غريب جداً: شاب يسعى للهو يبحث عنه فلما جلس في مجلس اللهو ألقى الله عز وجل عليه النوم فينام نوماً عميقاً يخرجه تماماً عن ما حولـه ويبقى نائماً مستغرقاً في نومه مع كل ما حولـه من ضوضاء فلا يستيقظ إلا في اليوم التالي من حرارة الشمس. أليس ذلك غريباً؟ إنه وربي غريب جداً ثم يتكرر له هذا الموقف مرة أخرى !
لا شك أن في الأمر شيئاً فبينما ينتعش غيره من الحضور ويتفاعلون مع الضوضاء الصادرة عن الغناء والجمهور إلا أنه ينام نوماً عميقاً.
فبينما يصحو الوسنان وينشط الكسلان إذا به ينام، ولو حدث هذا مرة واحدة لقلنا لعله كان متعباً إلا أن هذا يتكرر معه. إذاً لا بد أن هذا الشاب له شأن غير الآخرين.
دعونا نتعرف على طفولته وشيءٍ من أخباره لعلنا نعرفه.
إن هذا الشاب الذي صُرف عن مجلس اللهو كان تحت رعاية من ربه إذ أراد الله عز وجل له الحماية والتطهير عن كل ما من شأنه أن يدنسه حتى يكون أهلاً لما يراد له من مستقبل وضاح له فهو لم يخلق للهو واللعب وإنما خلق لمقصد أسمى.
فلنستمع إليه وهو يحدثنا عن نفسه حينما كان طفلاً صغيراً فيقول:
جاء رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني! فالتمسا فيه شيئاً لا أدري ما هو. وأخبرتنا عنه أمه فقالت: (إن لُبنيِّ لشأناً. أفلا أخبركم به)؟
رأيت حين حملتُ به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصري من أرض الشام ثم حملت به فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف عليَّ ولا أيسر منه).
نعم إنه الحبيب صلى الله عليه وسلم ومن ذا الذي لا يعرفه بأبي هو وأمي ، وله أسماء خمسة سماه بها الله عز وجل (وتعدد الأسماء يدل على شرف المُسمى).
فأسماؤه: محمد، وأحمد، والمقفي، والعاقب، والحاشر