يبدو أن لعنة الفراعنة أصابت جنوب أفريقيا والإتحاد الدولى لكرة القدم "الفيفا" فبعد مرور 4 سنوات على اختيار الفيفا لجنوب أفريقيا لتنظيم مونديال كأس العالم 2010 - رغم افتقارها لعاملى الأمن والأمان باعترافات وفد الفيفا الذى قام بزيارة لها واتضح له وجود قصور أمنى كبير وصعوبة شديدة في السيطرة على العصابات والاضطرابات بها داخل الشوارع, مما لا يسمح بانتقال الفرد من مكان لآخر نهائياً خاصةً بعد الثامنة مساءاً - يفكر الفيفا حالياً في نقل إقامة مونديال كأس العالم من جنوب أفريقيا إلى البرازيل بعد قلقه من تأخر الأعمال فيها .
ولهذا قامت "البشاير" بفتح ملف تنظيم كأس العالم وإسناده إلى جنوب أفريقيا والذى شابه الكثير من الشبهات وعلامات الإستفهام والجدل .
وكان جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى قد أكد على عدم ذكر أسماء الدول التى يمكن أن تتقدم لاستضافة كأس العالم 2010 بدلاً من جنوب أفريقيا بعد إعلانه عن وجود خطة بديلة لإسناد تنظيم البطولة إلى إحدى ثلاث دول منها البرازيل.
من جانبه رفض الألماني هورست شميدت مستشار الاتحاد الدولي لكرة القدم وعضو اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2010، محاولات التشكيك حول مدى استعداد جنوب إفريقيا لاستضافة البطولة, مشيراً إلى أنه لا توجد أسباب حقيقية تدعو للتشكيك في المسار الإيجابي لتنظيم البطولة لأن الاستعدادات تسير بشكل إيجابي.
واعترف شميدت بوجود حقائق متناقضة في تنظيم البطولةتتمثل فى المشكلة الأمنية والاعتداءات ضد الأجانب والمستقبل السياسي غير الواضح في البلاد، بالإضافة إلى مشكلة عدم توفر الطاقة بالشكل المطلوب, مضيفاً أن بطولة القارات التي ستستضيفها جنوب أفريقيا العام المقبل ستكون "الحقيقة الفاصلة" لقياس مدى قدرتها على تنظيم كأس العالم.
وجاء قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم بإسناد مهمة تنظيم كأس العالم 2010 لكرة القدم للقارة السمراء في إطار التناوب بين القارات بمثابة الاختبار القوى لإمكانات القارة التي طالما نادى أبناؤها بتنظيم هذه البطولة الكبرى حتى تحقق الحلم بتنظيمها رغم الأصوات المعارضة لذلك والتي تشكك في فرصة نجاح القارة السمراء في الإعداد والتنظيم لأكبر حدث على وجه الأرض يجمع بين أهم دول العالم في اللعبة وعشرات الملايين من الجماهير من كل مكان ومسئولين وإعلاميين تتجمع بأعداد ضخمة للمشاركة في تغطية هذا الحدث الكبير.
وبعد هذا القرار كان التفكير الجدي في الحصول على شرف تنظيم نهائيات كأس العالم 2010 لكرة القدم للعديد من الدول الإفريقية وتقدمت 6 دول أفريقية بطلب التنظيم وقامت بإعداد ملفاتها بعد موافقة القيادات العليا فيها وهذه الدول هي مصر وجنوب إفريقيا والمغرب وتونس وليبيا ونيجريا.
وعلى الرغم من تقدم 6 دول إلا أن المنافسة الحقيقية انحصرت بين مصر وجنوب أفريقيا والمغرب لغياب البنية التحتية الفعلية من ملاعب ومنشآت ترقى لمستوى الحدث الكبير فى الدول الأخرى بالإضافة إلى عدم كفاية السلع الفندقية, وقلة الخبرة في تنظيم البطولات الكبرى وقلة الجماهير في المدرجات.
أبرز المحللون ايجابيات وسلبيات كل ملف من الدول الثلاث المتبقية على حدة مشيرين إلى أن جنوب أفريقيا ستعتمد إمكاناتها المالية الكبيرة, وإشراك الزعيم والمناضل الأفريقي نيلسون مانديلا الرئيس السابق للبلاد كدعاية قوية لمساندة الملف فضلاً عن قيامها باستضافة العديد من دول العالم الكبرى, وتوجيه الدعوة للشخصيات العالمية الشهيرة لجذب الأنظار إليها ومساعدتها في طلبها باستضافة كأس العالم 2010.
وأضاف المحللون أن الملف اشتمل على نقطتي ضعف أساسيتين هما الأمن والأمان وعدم الإقبال الجماهيري على كرة القدم, حيث تنعدم الحالة الأمنية في جنوب أفريقيا للصعوبة الشديدة في السيطرة على العصابات والاضطرابات بها داخل الشوارع, مما لا يسمح بانتقال الفرد من مكان لآخر نهائياً خاصة بعد الثامنة مساءاً.
وعن ملف وحظوظ المغرب قال المحللون أن لها سابق خبرة تتعدى مصر وجنوب أفريقيا حيث تقدمت 3 مرات لطلب التنظيم كان أكثرهم سخونة عام 1998 عندما انتزعت فرنسا شرف تنظيم كأس العالم بفارق الأصوات و الإمكانات والتجهيزات.
وأشار المحللون إلى أن المغرب ستعتمد فى ملفها على الدول الأوروبية التي ترتبط بعلاقات حميمة معها حيث يقصدها عدد كبير من أبناء القارة الأوربية لتشابه الأجواء المناخية, بالإضافة إلى عدد المحترفين في معظم الدول الأوربية أمثال اللاعب نور الدين نايبت المحترف بنادي ديبورتيفولاكرونيا الأسبانى واللاعب مصطفى حاجي المحترف بإنجلترا وآخرون مثل شيبو وبصير صلاح الدين.
وأوضح المحللون أن المغرب ستعتمد على التربيطات القوية والتغلغل داخل الأعضاء التي لها الحق في التصويت لاختيار الدولة المنظمة وعددهم 24 دولة في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم.
وقال المحللون أن الملف المغربى يشتمل على بعض القصور لعدم وجود بنية تحتية مماثلة لمصر وجنوب أفريقيا, فضلاً عن تغير أجوائها مقارنة بمصر في فترة المباريات وعدم قيامها بتنظيم البطولات الكبرى العالمية من قبل.
وعن الملف المصرى قال المحللون أن الملف المصري سيعتمد بشكل كبير على الموقع الجغرافي الممتاز الذي يحظى بإعجاب كل دول العالم مما يسهل الوصول إلى مصر بوسائل عديدة مثل خطوط الطيران العديدة خاصة أن الجو صافي طوال العام, فضلاً عن على عمق الحضارة المصرية القديمة وامتداد جذورها وقدرة أبناء النيل على تنظيم البطولات والمسابقات العالمية الكبرى في كل الألعاب .
خاصة مع تواجد الخبرة الطويلة لكل الكوادر البشرية المعروفة جيداً للاتحاد الدولي لكرة القدم, بالإضافة إلى البطولات الكبرى التي نظمتها مصر بنجاح كبير منها تنظيم بطولة العالم للكبار في كرة اليد عام 1999, والشباب عام 1993, وكأس العالم للناشئين عام 1997 في كرة القدم وتسجيل كل الدول المشاركة إعجابها بالتنظيم وجو مصر الساحر وآثارها الخالدة وشواطئها الجذابة وتميزها من النجاحات التنظيمية في جميع المجالات.
وأشار المحللون إلى أن الملف المصري سيعتمد بصورة كبيرة على الأمن والأمان التي ينعم بها المواطن المصري والأجنبي داخل مصر وذلك بشهادة خبراء ومسئولي الدول الأخرى, فضلاً عن توافر سعة فندقية عالية حيث تعاقد اتحاد الكرة المصري لكرة القدم مع إحدى الشركات على توفير 190 ألف غرفة فندقية لاستضافة المشاركين من لاعبين ومسئولين وجماهير وتوفير الملاعب في المدن الساحلية والسياحية الجذابة وإظهار تلك الملاعب الضخمة في الملف المصري بصورة توفر البنية التحتية.
وأعد وفد الفيفا بعد زيارته للدول الثلاث التى تنحصر بينها المنافسة تقريراً منح فيه المفتشون الملف الجنوب أفريقى درجة ممتاز, ومنح الملفين المصرى والمغربى درجة جيد جداً.
ونشر الفيفا بموقعه على الانترنت تقريراً من 94 صفحة يحتوي على تقييم فني للدول المرشحة كتبه أعضاء فريق التفتيش الذي زار الدول لتقييم المقدرة الفنية لكل منها على استضافة الحدث العالمي.
وقال التقرير أن فريق التفتيش يعتقد أن جنوب افريقيا مستعدة لاستضافة كأس العالم لكنها ستكون بحاجة لدعم خططها لا سيما في ما يتعلق بالأمن في بعض الأماكن, مضيفاً أنها تمتلك بنية تحتية ممتازة وملفاً واضحاً لاستضافة النهائيات.
وجاء الملف المصري في المركز الثاني ولكن وجد المفتشون تضارباً بين ما يحتويه الملف المصري وما تم تقديمه خلال زيارتهم للبلاد لكنهم خلصوا إلى أن مصر قادرة على تنظيم نهائيات جيدة جداً لكأس العالم.
ووجه التقرير انتقاداً للمغرب بسبب المشاركة الضعيفة لاتحاد لكرة القدم في ملفه الخاص بكأس العالم وافتقاره الى البنية التحتية لكن التقرير اشاد بالحملة الترويجية الرائعة للملف ومستوى التأييد الحكومي.
وفيما يلي أبرز النقاط الرئيسية الواردة في تقرير الفيفا الذي أعدته لجنة التفتيش التابعة له بعد زياراتها للدول الثلاث:
أولاً : مصر:
- التزام الدولة :
الحكومة : التزام كامل بتنظيم كأس العالم 2010
الشعب : متحمس للغاية
- كرة القدم :
عشرة ملاعب لاستضافة كأس العالم , ملعب يتم تجديده حاليا , ملعبان سيتم تجديدهما , ثلاثة ملاعب تحت الانشاء , اربعة ملاعب سيتم بناؤها , ولكن هناك بعض الملاعب تختلف عما تم تقديمه فى الملف.
ملاعب التدريب : جيدة جدا , لكن ارضياتها تحتاج للتجديد.
مستوى كرة القدم : قوى , مع وجود خطط لتطوير مستوى الناشئين والشباب
- البنية الاساسية للدولة :
المواصلات : قادرة على استضافة كأس العالم
الاتصالات : تفى بالمعايير اللازمة لتنظيم كاس العالم
الفنادق : بنية اساسية ممتازة , تملك اكثر من العدد المطلوب من الغرف لاستضافة حدث مثل كأس العالم.
الامن: نظام جيد للأمن الداخلى
المستشفيات والرعاية الطبية : المنشأت الطبية جيدة وكافية لاستضافة كأس العالم 2010
- التمويل :
الميزانية الموضوعة لتنظيم الحدث تحتاج لمراجعة نهائية
نظام بيع التذاكر : يتبع سياسة جيدة
- الفوائد العائدة على البلد من الاستضافة :
الدولة : استضافة كأس العالم سوف تساهم فى التطوير والارتقاء بالدولة , كما سيبرز حضارتها القديمة وعامل الامن المتوافر فيها.
كرة القدم : البنية الاساسية لكأس العالم والتنظيم سوف يسرع من عمليات تطوير قطاعات الشباب والتى بدا الاتحاد فى تطبيقها فى السنوات الاخيرة.
- ملاحظة : ملعبان فقط لن يتم بناؤهما فى حال عدم فوزها بتنظيم كأس العالم.
ثانيا : المغرب
- التزام الدولة :
الالتزام الحكومي : التزام كامل من الحكومة مع دعم مالي كامل
الالتزام الشعبي : حماس جماهيري عادي
- كرة القدم :
- الملاعب : تسعة استادات معدة لتنظيم المونديال : ثلاثة سيتم تحديثها , اثنان تحت الإنشاء , وواحد جاهز لبدء العمل به , وثلاثة سيتم إنشاؤهم.
- ملاعب التدريب : في حاجة إلى إعادة نظر بالكامل
- مستوى كرة القدم :
مستوى جيد على الصعيد الدولي , مع مستوى محلي عادي
- البنية الأساسية العامة :
المواصلات : ستكون قادرة جدا على التعامل مع المونديال.
الاتصالات : ستكون قادرة على تلبية متطلبات المونديال.
الفنادق : بنية أساسية ممتازة.
الأمن والأمان : نظام أمن داخلي جيد.
المراكز الطبية : تحتاج إلى تحسينات ضخمة.
التمويل :
ميزانية مونديال 2010 : تقديم رائع , تعديلات طفيفة يجب القيام بها
نظام التذاكر : النظام كله في حاجة إلى إعادة المراجعة.
- فوائد تنظيم المونديال :
على الدولة : سيساعد مونديال 2010 بشكل كبير على تنفيذ رؤية الحكومة لتنمية البلاد.
على كرة القدم : البنية الأساسية التي ستنتج عن تنظيم مونديال 2010 قد تعطي الاتحاد المغربي المعرفة اللازمة لكيفية إدارة وتنظيم دوري كرة قدم احترافي.
- ملاحظة : ثلاثة استادات لن يتم بناؤها إذا لم يتم منح المغرب حق تنظيم المونديال.
ثالثا : جنوب أفريقيا :
- التزام الدولة :
الحكومة : التزام كاملة باستضافة كأس العالم 2010
الشعب : حماس هائل من الشعب للاستضافة
- كرة القدم :
الملاعب : 13 ملعبا (ثلاثة ملاعب جاهزة بشكل شبه نهائي – خمسة سيتم تجديدهم – خمسة سيتم بناؤهم).
ملاعب التدريب : تسهيلات ممتازة , ولكن بعض الملاعب يجب أن يتم تحسينها.
مستوى كرة القدم : عودة ناجحة للكرة العالمية منذ عام 1992.
- البنية الأساسية :
المواصلات : جيدة جدا
الاتصالات : ممتازة
الإقامة : ممتازة
الأمن : بعض القصور الأمني ، ولكن السلطات تعرف كيفية التعامل مع الحالة الأمنية أثناء تنظيم البطولة.
المراكز الطبية : ممتازة وخاصة المراكز الموجودة بالملاعب
- التمويل :
الميزانية : يجب إعادة النظر في الميزانية المطروحة
نظام بيع التذاكر : يجب أن يتم إعادة النظر فيها بالكامل
- الفوائد :
على الدولة : تنظيم كأس العالم سوف يساهم في تدعيم عملية الديمقراطية والوحدة التي بدأت منذ حوالي عشرة أعوام.
على كرة القدم : تنظيم كأس العالم سيساهم في أن تصل جنوب أفريقيا إلى المستويات العالمية وتسد الفجوات التي نتجت عن الابتعاد في الماضي.
- ملاحظة : ملعب واحد فقط لن يتم إنشاؤه إذا لم تفز جنوب أفريقيا بحق تنظيم المونديال.
وانتهت المنافسة بين الدول الثلاث بفوز جنوب أفريقيا بشرف تنظيم كأس العالم 2010 بعد حصولها في الاقتراع السري على 14 صوتا، وحصول المغرب على 10 أصوات، بينما لم تحصل مصر على أي أصوات.
وبعد إعلان النتيجة التى تؤكد أن التربيطات والخطوات السرية التى قامت بها جنوب أفريقيا مكنتها من الفوز بتنظيم كأس العالم خرجت الجماهير الجنوب أفريقية للرقص والاحتفال بفوز بلادهم كما تخلى الرئيس ثابو مبيكي، الذي عاد إلى البلاد بعد المشاركة في تقديم ملف جنوب أفريقيا أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم عن تحفظه الطبيعي ورقص بفرح مع حشود الجماهير في شوارع العاصمة بريتوريا.
واندفع الجنوب أفريقيون في فرح يصم الآذان بمجرد إعلان فوز بلادهم في المراسم التي نقلت على الهواء مباشرة على شاشات كبيرة وضعت في الشوارع والميادين واتحد السكان البيض والسود في فرحة غامرة كما نظمت احتفالات كبرى في مدن جوهانسبرج وكيب تاون ودربان.
وقال مسؤولو صناعة السياحة في جنوب أفريقيا ان فوز بلادهم بتنظيم البطولة هو أفضل نبأ بالنسبة لهم حيث ستتدفق الجماهير لمتابعة مباريات منتخباتها خلال البطولة.
ولدى إعلانه عن الدولة الفائزة بحق استضافة النهائيات قال رئيس الفيفا جوزيف بلاتر أن قرار إقامة الحدث الرياضي الكبير في جنوب أفريقيا يمثل انتصاراً للقارة الأفريقية بأكملها.