بعد توقف دام 12 عاما بسبب الحرب العالمية الثانية التي جرت في الفترة من 1939 إلى 1945 عادت الدورات الاولمبية إلى فعالياتها من خلال الدورة الرابعة عشر عام 1948 في العاصمة البريطانية لندن حيث ألغيت الدورتان الثانية عشر عام 1940 في طوكيو والثالثة عشر عام 1944 في لندن.
ومنعت كلا من اليابان وألمانيا من المشاركة في هذه الدورة بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية بينما ظل الاتحاد السوفيتي السابق بعيدا عن الدورات الاولمبية رغم مشاركة باقي الدول الشيوعية.
وخطفت ربة المنزل الهولندية فاني بلانكرز كون /32 عاما/ والتي كانت أما لثلاثة أبناء في ذلك الوقت الأضواء من الرجال بإحراز أربع ميداليات ذهبية في سباقات 100 متر و200 متر عدو و80 متر حواجز و4 × 100 متر تتابع لتكون أول لاعبة تحرز أربع ذهبيات في دورة أولمبية واحدة.
ولكنها لم تكن المرأة الوحيدة التي تتألق في هذا الأولمبياد حيث فازت الفرنسية ميشلين أوسترمايو أيضا بأول ذهبية في دفع الجلة.
كما أصبحت أليس كوشمان بطلة الوثب العالي أول أمريكية من أصل أفريقي تحرز ذهبية في منافسات السيدات في الأولمبياد.
وواصل المصريون تألقهم في الدورات الاولمبية فحصدوا خمس ميداليات كانت من نصيب الرباع إبراهيم شمس الذي فاز بذهبية رفع الأثقال للوزن الخفيف والرباع محمود فياض الفائز بذهبية وزن الريشة والرباع عطية حمودة الفائز بفضية الوزن الخفيف ومحمود حسن الفائز بفضية المصارعة الرومانية لوزن الديك وإبراهيم عرابي الفائز ببرونزية المصارعة الرومانية لوزن خفيف الثقيل.
وتوجت الولايات المتحدة بلقب هذه الدورة حيث أحرزت 38 ميدالية ذهبية مقابل 16 ذهبية فقط للسويد التي احتلت المركز الثاني.
واستضافت العاصمة الفنلندية هلسنكي الدورة الاولمبية التالية من 19 تموز/يوليو حتى الثالث من آب/أغسطس 1952 بمشاركة 3925 لاعبا منهم 518 لاعبة مثلوا 69 دولة تنافسوا في 149 مسابقة ضمن 17 رياضة.
وافتتحت فعاليات الدورة بعدما دخل العداء الشهير بافو نورمي /56 عاما/ إلى الاستاد الأولمبي وقدم شعلة الدورة إلى العداء الشهير الآخر هانيس كوليمانن /62 عاما/ فأوقد منها الوعاء الكبير.
وشهدت هذه الدورة المشاركة الاولى للإتحاد السوفيتي في الدورات الاولمبية رغم الحرب الباردة مع الولايات المتحدة حيث بدأت المنافسة الشرسة بينهما على الميداليات الذهبية. كما شهدت الدورة عودة ألمانيا للمشاركة في الدورات الأولمبية.
وسيطرت البعثة الأمريكية على منافسات وذهبيات ألعاب القوى والسباحة باستثناء ذهبية سباق 400 متر حرة التي ذهبت للسباح الفرنسي جان بواتو مما دفع والده إلى القفز في حوض السباحة بكامل ملابسه فرحا بانتصار نجله.
بينما تألق الاتحاد السوفيتي السابق في رياضات أخرى وحصد 22 ميدالية ذهبية من بينها أربع ذهبيات للاعب الجمباز فيكتور تشوكارين.
وكان التشيكوسلوفاكي إميل زاتوبيك الملقب "بالقاطرة البشرية" أحد النجوم البارزين في هذه الدورة حيث فاز بسباقي العدو خمسة آلاف متر وعشرة آلاف متر وكذلك بسباق الماراثون.
وبرز من نجوم الدورة أيضا الملاكم الأمريكي فلوريد باترسون الذي أصبح فيما بعد بطلا للعالم في الوزن الثقيل ووالتر ديفيز الذي حطم الرقم القياسي العالمي لمسابقة الوثب العالي.
وشهدت هذه الدورة فوز اللبناني زكريا شهاب بفضية المصارعة الرومانية لوزن الديك ومواطنه خليل طه ببرونزية الوزن المتوسط والمصري عبد العال راشد ببرونزية وزن الريشة.
وحافظت الولايات المتحدة على لقب الدورة بإحراز 40 ميدالية ذهبية مقابل 22 ذهبية فقط للاتحاد السوفيتي الذي حل في المركز الثاني.
وأقيمت الدورة الاولمبية الصيفية السادسة عشر في ملبورن بأستراليا من 22 تشرين ثان/نوفمبر إلى الثامن من كانون أول/ديسمبر 1956 بمشاركة 3184 لاعبا منهم 371 لاعبة مثلوا 67 دولة وتنافسوا في 145 مسابقة ضمن 17 لعبة.
وتعرضت هذه الدورة لطعنة حقيقية بسبب المقاطعة بعدما أعلنت مصر ولبنان والعراق عدم مشاركتها في الدورة بسبب العدوان الثلاثي على مصر كما أعلنت أسبانيا وسويسرا وهولندا مقاطعتها للدورة احتجاجا على اجتياح الدبابات السوفيتية للمجر.
وبسبب الحظر على إدخال الخيول إلى استراليا أقيمت منافسات الفروسية في العاصمة السويدية ستوكهولم.
وأدت المشاكل السياسية إلى صراعات داخل منافسات الدورة مثل اشتباك لاعبي الاتحاد السوفيتي لكرة الماء مع منافسيهم المجريين في حوض السباحة.
ولكن لاعبتي الجمباز المجرية أجنيش كيليتي والسوفيتية لاريسا لاتينينا كانتا الأفضل في هذه الدورة من حيث عدد الميداليات برصيد أربع ذهبيات لكل منهما.
وانتزع الاتحاد السوفيتي لقب الدورة بعدما تصدر جدول الميداليات برصيد 37 ميدالية ذهبية مقابل 32 ذهبية للولايات المتحدة التي احتلت المركز الثاني.
وعادت الدورات الاولمبية مجددا إلى القارة الاوروبية حيث أقيمت الدورة التالية في العاصمة الايطالية روما من 25 آب/أغسطس إلى 11 أيلول/سبتمبر بمشاركة 5348 لاعبا منهم 610 لاعبة مثلوا 83 دولة وتنافسوا في 170 مسابقة ضمن 17 رياضة.
وحققت الدورة نجاحا هائلا خاصة مع البث التلفزيوني لفعالياتها عبر شبكة "أروفيزيون" ليكون البث التلفزيوني الحقيقي الأول للدورات الأولمبية.
وتراجعت ألعاب القوى الأمريكية في هذه الدورة وتوج الألماني آرمين هاري والإيطالي ليفيو بيروتي بسباقي العدو 100 و200 متر.
وتألق الأثيوبي حافي القدمين أبيبي بيكيلا في سباق الماراثون ليحرز لأفريقيا لقبها الكبير الأول في ألعاب القوى بالدورات الولمبية.
وعلى مستوى السيدات تألقت الأمريكية ويلما رودولف "الغزالة السوداء" وأحرزت ثلاث ذهبيات في سباقات المسافات القصيرة.
وشهدت هذه الدورة بزوغ نجم أسطورة الملاكمة كاسيوس مارسيليوس كلاي (محمد علي كلاي) الفائز بالميدالية الذهبية لمسابقة وزن خفيف الثقيل.
وتألق العرب مجددا فأحرز المغربي راضي عبد السلام فضية الماراثون والمصري عثمان السيد فضية المصارعة الرومانية لوزن الذبابة ومواطنه عبد المنعم الجندي برونزية الملاكمة لوزن الذبابة والعراقي عبد الواحد عزيز برونزية رفع الأثقال للوزن الخفيف.
وشهدت الدورة آخر مشاركة لجنوب أفريقيا قبل أن تفرض عليها عقوبة الإيقاف عن المشاركة في الدورات الاولمبية حتى عام 1992 بسبب سياسة العزل العنصري بين البيض والسود التي طبقتها الحكومة في جنوب أفريقيا.
وحافظ الاتحاد السوفيتي على لقب الدورة وحل في المركز الاول بجدول الميداليات برصيد 43 ذهبية مقابل 34 ذهبية للولايات المتحدة التي احتلت المركز الثاني مجددا.
وأقيمت دورة الألعاب الأولمبية في قارة آسيا للمرة الأولى عندما استضافتها العاصمة اليابانية طوكيو من العاشر إلى 24 تشرين أول/أكتوبر 1964 بمشاركة 5140 لاعبا منهم 683 لاعبة مثلوا 94 دولة وتنافسوا في 163 مسابقة ضمن 19 رياضة.
وحرمت جنوب أفريقيا من المشاركة في هذه الدورة بسبب سياستها في التمييز العنصري.
ودخلت رياضتا الجودو والكرة الطائرة لأول مرة ضمن البرنامج الأولمبي.
وأنفقت اليابان ثلاثة مليارات دولار لتجديد وتجميل طوكيو التي دمرتها الحرب العالمية الثانية. وحمل الشعلة الأولمبية لإيقاد الوعاء الكبير الشاب يوشينوري ساكاي /19 عاما/ الذي ولد يوم إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما.
ورغم التنظيم الرائع والمنشآت الحديثة التي منحت المشاركين سعادة بالغة تلقت اليابان صدمة هائلة بفوز الهولندي أنطون جيسينج على الياباني أكيو كاميناجا في نهائي الجودو للوزن المفتوح.
وتوج الإثيوبي بيكيلا بطلا للمراثون مجددا بينما فقدت لاعبة الجمباز السوفيتية لاريسا لاتينينا ذهبية الفردي العام وإن أحرزت ست ميداليات أخرى لترفع رصيدها الاولمبي إلى تسع ذهبيات وخمس فضيات وأربع برونزيات لتظل حتى الان صاحبة أكبر رصيد من الميداليات المتنوعة في تاريخ الاولمبياد.
وفاز العداء بوب هاينس بذهبية سباق العدو 100 متر والذي شهد تحديد الفائز للمرة الأولى من خلال تقنية السبق الضوئي حيث قطع المسافة في 0ر10 ثوان.
واستعادت الولايات المتحدة لقبها الاولمبي بعدما حلت في المركز الأول بجدول الميداليات برصيد 36 ذهبية مقابل 30 ذهبية للاتحاد السوفيتي و16 ذهبية لليابان.