كشف جاك روغ رئيس اللجنة الاولمبية الدولية قبل أيام معدودة على انطلاق دورة الألعاب الاولمبية التاسعة والعشرين المقررة في بكين من الثامن حتى الرابع والعشرين من شهر آب/أغسطس النقاب عن الكثير من خفايا وقضايا اللجنة الاولمبية, ففتح الملفات متحدثاً عن المنشطات, التي يشعر جراء حضورها القوي بسباق فرنسا بالحزن العميق, والتحضيرات الاولمبية والمخططات الموضوعة للغد حول المسابقات الرياضية وغيرها, وذلك في حديث أدلى به لوكالة الأنباء الألمانية.
ووضع روغ في قمة الأولويّات تنظيم دورة جيدة وناجحة بكل المقاييس: "ما أريده فعلا خلال أولمبياد بكين هو أن تكون الدورة جيّدة للاعبين. إنها قمّة الأولويات. يجب أن يسعد اللاعبون. اللاعبون يكون لديهم في معظم الأحوال فرصة المشاركة في الدورات الاولمبية مرة أو مرتين فحسب...هذا يعني ضرورة أن تكون القرية الاولمبية جيدة بكل جوانبها".
وتتطرق في حديثه للعامل الأمني معتبراً أنه يأتي على سلم الأولويات وهو من عناصر الدورة الجيدة والمجازفة بهذا الموضوع ضرب من المستحيل, موضحاً أنه لا يمكن تطبيق التدابير الأمنية بشكل متوسط, فإما تكون حازمة أو لا تكون, لكنه رأى أنه يمكن أن يتسم ببعض المرونة في الأساليب المتبعة دون تعريض الخطة الأمنية لأي خطر أو ضعف.
العلاقة مع الصينيين
وأوضح سر التباين في العلاقات مع الصينيين وبعض الصعوبات التي أفرزتها العلاقات مرجعاً إياها لاختلاف الثقافات والحضارات "الثقافة تختلف تماما لدى الصينيين. ويجب أن تتأقلم مع شيء مهم وهو أننا أشخاص أنانيون. إنني عالم في نفسي وأنت عالم آخر في نفسك. أما في الصين فإنك كفرد يجب أن تكون جزءاً من مجموعة. وعليك أن تعمل من أجل تلك المجموعة وليس من أجلك. وهناك قضية أخرى كبيرة للغاية في آسيا وهي أنك لا تستطيع ألا تحترم الآخرين. فعليك أن تكون متسما بالاحترام. اعتدنا أن نتخذ قرارات فردية. ولكن في الصين يكون القرار دائما للجماعة ويجب أن يكون الاتفاق بالإجماع".
وعن كلامه بشأن أسلوب "الدبلوماسية الصامتة"، قال روغ: "عندما انتخبت رئيسا للجنة الاولمبية الدولية، تحدثت إلى من لديهم خبرة بثقافة الصينيين ولغتهم سواء كانوا أشخاصاً عملوا في الصين أو رجال أعمال أو دبلوماسيين أو وزراء أو حتى رؤساء دول. وقرأت العديد من الكتب عن كيفية التعامل مع الصينيين وتوصلت في النهاية (من خلال الاستفسارات وقراءة الكتب) إلى أن الطريق إلى الحصول على أي شيء أريده هو المفاوضات الهادئة أو الدبلوماسية الصامتة لمجرد الحفاظ على ماء الوجه".
وأضاف: "حصلنا على القانون الجديد للتعامل مع وسائل الإعلام الأجنبية. ونعترف بأنه ليس مثاليا. نضغط على الصينيين لتنفيذه بأفضل صورة ممكنة. إنها ثورة. إنه شيء أعتقد أيضا أنه سيترك إرثا دائما للصين. والشيء الثاني الذي أكدنا عليه هو تشديد القوانين ضد عمالة الأطفال. كما حصلنا منهم على تعويضات للناس الذين أزيلت مساكنهم من أجل إنشاء المواقع الرياضية الخاصة بالاولمبياد. والشيء الرابع الذي صممنا عليه وتقبله الصينيون هو تطبيق قانون أكثر صرامة بالنسبة للحفاظ على البيئة".
وحول استنكار الجانب الصيني لتعليقاته عن "الالتزام الأخلاقي"، قال روغ: "قلت ما فكرت فيه وما يجب أن أقوله وذكرت الصينيين بما قالوه بأنفسهم. لم أكن أنا الذي طلبت منهم فعل هذا أو ذاك. قلت لهم ببساطة -أنتم قلتم ذلك وأنا أذكركم فحسب بما قلتموه-".
حقوق الإنسان
وردا على سؤال عما قاله في مقابلة أجريت معه في وقت سابق من العام الحالي حول ضرورة مراجعة اللجنة الاولمبية الدولية لموقفها بشأن حقوق الإنسان، قال روغ: "قلت إن من الضروري أن ندرس تأثير حقوق الإنسان لا أن نغيرها وأن ندرس دورنا فيما يتعلق بحقوق الإنسان والتوقعات الاجتماعية. الناس ينتظرون منا الكثير من الأشياء التي قد لا تكون دائما ممكنة بالنسبة للجنة الاولمبية الدولية. هذا ما نحاول أن نفعله. سندرس سلسلة كاملة من القضايا ومن بينها قضية حقوق الإنسان".
وتعليقا على ما ذكرته منظمة العفو الدولية مؤخرا عن عدم تأثير الألعاب إيجابا على الشعب الصيني فيما يتعلق بحقوق الإنسان، قال روغ: "لن أدخل في خلاف مع منظمة العفو الدولية التي أحترمها كثيرا. لدي رأي مختلف. أعتقد أن دورة الألعاب الاولمبية ستجلب شيئا بالتأكيد إلى الصين وستساعد الصين على الانفتاح وهو ما لم يحدث من قبل".
وأضاف: "لا يمكنك الحكم على تأثير الاولمبياد قبل عقد الدورة. خلال العام أو العامين التاليين للاولمبياد يمكنك أن ترى تأثير الدورة (على الصين). أعتقد أن الصينيين سيعرفون عن العالم أكثر بكثير مما يعلمونه الآن كما سيعرف العالم المزيد عن الصين. أعتقد أن ذلك سيكون تأثيرا إيجابيا".
وتناول الحديث مستقبل روغ الاولمبي واستمراريته كرئيس: "قلت دائما بوضوح تام إنني سأتخذ القرار وأعلنه بعد بكين حيث تنتهي فترة رئاستي للجنة هذا العام. لدي شعور جيد للغاية. أولمبياد بكين سيكون أحد العناصر في حسم قراري بالاستمرار من عدمه".
مشاركة ثانو
وعن انضمام العداءة اليونانية إيكاتريني ثانو إلى القائمة المؤقتة لبعثة بلادها في أولمبياد بكين وإمكانية مشاركتها في الدورة، قال روغ إن اللجنة الاولمبية الدولية تواصل تحقيقاتها بشأن تغيب ثانو ومواطنها كوستاس كينتيريس عن اختبار الكشف عن المنشطات والذي كان مقررا لهما عشية حفل افتتاح أولمبياد أثينا 2004 حيث ادعى الاثنان تعرضهما لحادث دراجة نارية تسبب في تغيبهما عن اختبار المنشطات. وطلبت اللجنة الاولمبية الدولية منهما آنذاك الانسحاب من المشاركة في الدورة بدلا من طردهما واستبعادهما.
وقال روغ: "سندرس هذه الحالة بشكل أكبر في بكين مع اللجنة التنفيذية للجنة الاولمبية الدولية وسيقدم توماس (باخ نائب رئيس اللجنة الاولمبية الدولية ورئيس اللجنة التأديبية) توصيته. وبعدها ستتخذ اللجنة التنفيذية قرارها".
وأضاف: "عندما سلمت ثانو تصريح مشاركتها في أولمبياد أثينا 2004 لم تعد لاعبة أولمبية ولذلك لم يكن أمامنا وسيلة لاتخاذ أي إجراءات إضافية بشأن تجريدها من أهلية المشاركة في الاولمبياد. ولكننا قلنا آنذاك أننا سنفحص أهلية ثانو للمشاركة في أولمبياد بكين .. لذلك فإنه إذا ضمت اللجنة الاولمبية اليونانية ثانو إلى البعثة اليونانية في أولمبياد بكين سندرس أهلية مشاركتها. لنا الحق في ذلك".
اختبارات المنشطات
وعما أوضحته دراسة دنماركية حديثة بشأن عدم دقة اختبارات الكشف عن مادة إيبو المنشطة وما يمثله ذلك بالنسبة لكل من الأولمبياد والوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا)، قال روغ: "سمعت عنها (الدراسة) وناقشتها مع المسؤولين في وادا. وستدرس وادا هذا الموضوع ولذلك طلبت مزيدا من المعلومات والبيانات من الباحثين الدنماركيين".
وحول تركيز الناس على قضايا المنشطات أكثر من أمور أخرى مثيرة مثل مشاركة السباحة الأميركية دانا توريس البالغ 41 عاماً, في خامس دورة أولمبية وما إذا كان ذلك دليلا على افتقاد الثقة في مستويات الأداء الجيدة في عالم الرياضة، قال روغ إن: "هذا الوضع الظالم بشدة يخلقه اللاعبون أنفسهم حيث أصبح كل أداء جيد يثير الشبهات. ومع وجود سوابق تاريخية تشعر أحيانا بأن ذلك حقيقي. ولكن من الظلم بالنسبة لبعض اللاعبين أن نقول إن هذا اللاعب أو هذه اللاعبة يتعاطى أو تتعاطى المنشطات بالتأكيد لأن أيّاً منهما حقق الفوز في مباراة".
وحول اكتشاف مزيد من حالات تعاطي المنشطات في سباق فرنسا الدولي للدراجات (تور دو فرانس) هذا العام، قال روغ: "تمنيت أن يتفهم عالم سباقات الدراجات بشكل أفضل أن الوقت قد حان للتغيير. وعندما ثبت في أول أيام السباق أن (مانويل) بيلتران تعاطى المنشطات اعتقدت أنه أمر طبيعي فهو في السابعة والثلاثين من عمره وينتمي إلى المدرسة القديمة. لم يتفهم ذلك ولن يتفهمه أبدا".
وأضاف: "ولكن معنوياتي بدأت تنهار نسبيا عندما اكتشف تعاطي (مويسيس) دويناس البالغ 27 عاماً, للمنشطات ثم (ريكاردو) ريكو البالغ 24 عاماً. إنه أمر محزن لأنني مثل الجميع كان لدي الأمل في أن يجلب الجيل الجديد أجواء أخرى إلى هذه الرياضة. كنت أتمنى ذلك. لكنكم تعلمون أن من الضروري ألا نكون ساذجين".
وقال روغ: "أرى في النهاية أن هذه الاختبارات للكشف عن المنشطات مؤثرة. اكتشفنا 12 حالة لتعاطي المنشطات في أولمبياد سيدني 2000 عندما أجرينا 2500 اختبار للكشف عن المنشطات في الدورة وارتفع العدد إلى 3500 اختبار في أولمبياد أثينا 2004 لنكتشف 26 حالة تعاطي منشطات. والآن سنجري 4500 اختبار في أولمبياد بكين 2008. لم أقل إنني أثق في طهارة الجميع. ولسوء الحظ أن ذلك غير ممكن. ولكنني أعتقد أن اختبارات الكشف عن المنشطات أصبحت أكثر كفاءة".
وعما إذا كانت كثرة حالات تعاطي المنشطات ستتسبب في فقدان الاتحاد الدولي لسباقات الدراجات لموقعه في الدورات الاولمبية لدى تحديد الألعاب التي سيتم إدارجها في أولمبياد 2016 العام المقبل، قال روغ: "نشعر بأن الاتحاد الدولي لسباقات الدراجات يجري فحصا شاملا. إنه الاتحاد صاحب المرتبة الثالثة من حيث عدد اختبارات الكشف عن المنشطات. المذنب ليس مسؤولي الاتحاد وإنما الدراجون أنفسهم. قد أكون مخطئا ولكننا نعتقد أنه مازال هناك عدد من الدراجين الشرفاء الذين لا يمكن عقابهم بخطأ وخداع الغير".
المسابقات الاولمبية
وفي معرض تعليقه على مراجعة جدول الرياضات الاولمبية لأولمبياد 2016 العام المقبل وانتظار إضافة رياضتين إليه، قال روغ: "هناك سبعة احتمالات. فقد يكون القرار هو إعادة رياضتي البيسبول والسوفت بول. وهناك أيضا الغولف والاسكواش والكاراتيه والركبي وسباقات الأحذية الزلاجة (رولربليد). البرنامج يحتاج إلى تطوير. أعتقد أن اللجنة الأولمبية الدولية طوّرت الكثير فيما يتعلق بما أسميه مسابقات (أولمبية)".
وأضاف: "أدخلنا على الجدول الاولمبي بنجاح مسابقات المراكب الشراعية والترياتلون التي كانت رياضة صغيرة وظهرت إلى الوجود وكذلك التايكوندو الذي نال شعبية كبيرة. بالإضافة الكرة الطائرة الشاطئية. هناك تغييرات مستمرة ولكن معظمها كانت تغييرات في الرياضات والمسابقات. ووضعنا الآن نظاما يتيح تغيير رياضتين بشكل مستمر".
وعن إقامة الدورات الاولمبية في قارات أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية وأستراليا وعدم إقامتها حتى الآن في أي من قارتي أميركا الجنوبية وأفريقيا ومدى تأثير ذلك على عرض مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية استضافة أولمبياد 2016، قال روغ إن ريو دي جانيرو تحتاج إلى إقناع اللجنة الاولمبية الدولية بقدرتها على استضافة الدورة.
وأضاف "سيكون لدينا ملف جيد للغاية. ولكن فوز المدينة من عدمه بحق الاستضافة مازال علامة استفهام. لا يمكنني قول ذلك".
وقال روغ: "القضية أن الدورات الاولمبية تقام من أجل اللاعبين وليست من أجل الرأي العام أو لإسعاد دولة أو قارة. وأي مدينة ترغب الفوز بحق استضافة الأولمبياد يجب أن تبرهن على قدرتها الكافية على التنظيم. وتوجد مدن في كل من أفريقيا وأميركا الجنوبية لديها القدرة على تنظيم الأولمبياد على المدى القصير والمتوسط. وقدمت كيب تاون ملفا جيدا للغاية العام 1997 ولكنها حلت ثالثة بعد أثينا وروما. كان (عرض كيب تاون) عرضاً جيداً وربما لم يكن الوقت قد حان بعد. ولكن من الواضح أن هناك عددا كافياً من المدن في أفريقيا يمكنها تقديم ملف جيد للغاية وهو ما ينطبق أيضا على أميركا اللاتينية".